تدريب المحاضرة الثانية | فن الحد الأدنى من ناحية تاريخية ونقدية
الفن البسيط أو الحد الأدنى يمكن وصفه بأنه توسيع للفكرة المجردة وأن الفن يجب أن يكون له واقعه الخاص وليس تقليدًا لشيء آخر، عادة ما نفكر في الفن على أنه يمثل جانبًا من جوانب العالم الحقيقي كالمناظر الطبيعية، أو أنه يعكس تجربة عاطفية أو شعور، ولكن مع فن الحد الأدنى لا توجد أي محاولة أو السعي لتمثيل واقع خارجي، فالفنان يريد من المشاهد أن يتفاعل فقط على ما هو أمامه وهو المادة المصنوع منها العمل أو الشكل، وشكل العمل هو الواقع، قال الرسام فرانك ستيلا الشهير عن لوحاته "ما تراه هو ما تراه".
ظهرت بوادر الفن التبسيط أو الحد الأدنى في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي عندما بدأ فنانون مثل فرانك ستيلا في الابتعاد عن فن الإيماءات للجيل السابق، وازدهرت في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حيث أصبح كارل أندريه ودان فلافين ودونالد جود وسول ليويت وأجنيس مارتن وروبرت موريس أهم مبتكري الحركة. (١)
يرتبط تطور فن الحد الأدنى بالفن المفاهيمي (الذي ازدهر أيضًا في الستينيات والسبعينيات)، تحدت كلتا الحركتين النموذج القائم لصنع الفن ونشره وعرضه، وحاولتا إثبات أن الأهمية المعطاة للعنصر الفني ظالمة وتؤدي إلى عالم فني جامد ونخبوي لا يستطيع التمتع به إلا القلائل المتميزون.
يتضح أن الحركات التجريدية السابقة كانت لها تأثير مهم على أفكار وتقنيات فن التبسيط أو الحد الأدنى، ولكن من الناحية الجمالية فإن لفن الحد الأدنى صفات فنية، يقدم فن الحد الأدنى شكلاً نقيًا للغاية، يمكن أيضًا اعتباره على أنه يمثل صفات الحقيقة (لأنه لا يتظاهر بأي شيء آخر غير ما هو عليه) والهيكل والبساطة والوئام.
مع مرور الوقت أصبح اختزال الأعمال الفنية في هيكلها الأساسي واستخدام تقنيات إنتاج المصانع مفهومة على نطاق واسع، وقد ألهمت النحاتين البسيطين في انتاج سلسلة من الأعمال الفنية، حيث أنتج دان فلافين سلسلة من الأعمال بعنوان تحية لفلاديمير تاتلين (بدأ في عام 1964)، ولكن لم يعتبر فلافين أن أعماله منحوتات، لأنها لا تتكون فقط من الشيء المادي (الأنبوب الفلوري) ولكن أيضًا من المساحة المضاءة بالضوء، يوحد عمل اللون مع الضوء والمساحة، مما يؤدي إلى تحويل اللون إلى ثلاثة أبعاد وتغيير المساحة المحيطة.(٢)
Comments
Post a Comment