تدريب المحاضرة الأولى | المدرسة الوحشية
الحركة الوحشية مدرسة في فن التصوير ظهرت في أوائل القرن العشرين في مدينة باريس وتمثل المرحلة الفرنسية للمدرسة التعبيرية التي ظهرت نتيجة الثورات الفنية المتلاحقة التي بشر بها منذ فترات سابقة كل من الفنانين جويا ودولاكروا وتورنر، وتفجرت رسمياً في المدرسة الانطباعية بريادة الفنان مونيه ورفاقه، ووصلت قمتها بأعمال الفنانين الكبار الثلاثة فان غوغ، وجوجان، وسيزان، وقد توازت هذه التطورات مع الثورة الفكرية ضد البرجوازية وانتشار المبادئ الاشتراكية والتحررية وكانت المدرسة الوحشية قمة هذه التطورات.
تتحدث الأعمال الفنية التي تنتمي إلى الحركة الوحشية عن الظلم والوحشية والرعب والفزع، ويهدف الفنانون المنتمون إلى هذه الحركة إلى إثارة الانتباه إلى هذه القضايا وإيصال رسائلهم وأفكارهم الاجتماعية المتعلقة بها إلى الجمهور، كما يهدفون إلى استخدام أساليب الرسوم المتحركة والأفلام والكتب والمجلات والفن التشكيلي وغيرها من الفنون من أجل تجسيد فكرة الوحشية الموجودة في العالم الحقيقي.
يمكن القول أن الحركة الوحشية قد انتشرت بشكل كبير في مجتمعات الشباب الذين يرون في هذا الفن وسيلة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم الخاصة، وبالرغم من أن بعض الناس يرون في هذا الفن الفجور والعنف والوحشية والإفساد، إلا أن هذه الحركة الفنية تظل وسيلة مهمة للفنانين الراغبين في تجسيد فكرة الوحشية والرعب عن طريق الفن.
الحركة الفنية الوحشية تعد واحدة من التيارات الفنية الأكثر تأثيراً على الفن المعاصر، وقد كان لها تأثير كبير على الكثير من التيارات الأخرى فيما بعد، مثل الدادائية والتمردية والفن النووي، وقد تميزت الحركة الوحشية بالاهتمام الشديد بالمواد الغريبة والمخيفة، وكذلك بالشغف الشديد بالعواطف القوية والصراعات الداخلية، وقد أثرت هذه الخصائص على العديد من التيارات الفنية التالية، وساعدت في تشكيلها وإبرازها بطريقة فريدة ومميزة.
تزامن ظهور المدرسة الوحشية مع ظهور المدرسة التعبيرية الألمانية في مدينتي درسدن وميونخ عام 1905، فالمدرستان كلتاهما تأثرتا بالثورات الفكرية الاشتراكية والتقدمية وكذلك بفن فان غوغ وغوغان، إلا أن لكل منهما خواصَّ تميز إحداهما من الأخرى، ففي حين كان الوحشيون الفرنسيون يهتمون بالموضوعات الطريفة وبالصفاء والسكون والبعد عن الموضوعات المقلقة؛ كان التعبيريون الألمان يعمقون البعد النفسي والأخلاقي في أعمالهم، ويختارون الموضوعات الانتقادية المأسوية، وإن كانا على سبيل المثال قد تأثرا معاً بالفن الإفريقي؛ إذ أخذ الوحشيون منه جمال ألوانه وأشكاله، واستلهم التعبيريون الألمان بعده الديني والسحري. (١)
(١) الموسوعة العربية في الفن.
Comments
Post a Comment