تدريب المحاضرة الثالثة | مفهوم الهوية في الحركة التشكيلية اللبنانية

 مرت الحركة التشكيلية اللبنانية بتحولات بفنية منذ العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، حتى أوساط السبعينات من القرن العشرين، وشهدت على انتقال من الكلاسيكية إلى الواقعية والانطباعية، وصولا إلى مرحلة الحداثة التشكيلية والتي مثلت العصر الذهبي لبيروت كعاصمة للثقافة والإبداع والإشعاع الفكري قبل اندلاع الحرب الأهلية بفترة بسيطة.

لوحة تعود لأواخر القرن التاسع عشر، من أعمال الفنان التشكيلي اللبناني الشهير حبيب سرور

ومثلما مهدت الانطباعية في الغرب للحداثة، كذلك ساهم جيل الانطباعيين اللبنانيين في إضفاء سمات التحرر على نتاج الجيل الشاب، ومن نتاجات جيل السبعينات في مرحلة ما بعد الحداثة، برزت بعض التجارب المتميزة في أعمال كل من اسادور وحسن جوني وسيتا مانوكيان وزافين هديشيان وسمير خداج، فضلًا عن تجارب كلٍ من جميل ملاعب وفيصل سلطان وشوقي شمعون ومحمد الروّاس ونبيل نحاس، وهي الحقبة التي شهدت على بصمات الحرب اللبنانية، وآثار حطامها مع دخول تقنيات جديدة وخامات متنوعة الملامس، في اختبارات السطوح التصويرية على ضوء الموضوعات الراهنة ضمن إسقاطات غير مباشرة للمفاهيم العاصرة. (١)


إن بداية العام 1920 تعتبر بداية التحولات والتطورات في حركة الفنون التشكيلية في لبنان، وهي الفترة التي حصل فيها احتكاك مباشر مع الرؤية الغربية للفنون من خلال الرحلات والمنح الدراسية لبعض الفنانين في لبنان الذين سافروا إلى الخارج ثم عادوا إلى لبنان ليسهموا في تكوين الساحة التشكيلية الفنية وإدخال الحداثة إلى الفن في لبنان، وحتى عام 1975 حيث أنه العام الذي بدأت فيه الحرب الأهلية في لبنان، مما ترك الساحة الفنية غير واضحة المعالم ضمن السياق الفكري الذي دمر تحته الهوية البنانية بكل أشكالها الفنية والفكرية.


وفي لقاء مع الفنانة التشكيلية نهى فران عبر صحيفة الخليج قالت فيه: «لا يمكن الحديث عن الحداثة وما بعد الحداثة، في لبنان بشكل منفرد دون الحديث عن الشرق ككل، وإذا كانت الحركة التشكيلية الفنية اللبنانية خطت خطوات واسعة في هذا مجال إلاّ أن ذلك لم يخلق مجتمعاً يستوعب الحداثة بكل منجزاتها، وإنما بقي عند أشخاص قلائل، لأن الموروث الثقافي المتأصل لا يمكن استبداله بسهولة، لذلك وجد الفنانون أنفسهم أمام عملية مزج بين الموروث القديم والحركة الجديدة ما أدّى إلى تغليف أعمالهم تحت شعار إحياء التراث أو استلهام التراث، وهذا أمر لم يؤد إلى تغيير في المسار المعرفي للمجتمعات في الشرق، كما ان أصحاب التراث لم يقدموا نماذج تشكل محوراً في الفن التشكيلي وإنما شكّل هروباً من مصادمة مجتمعاتهم المغلقة، وبقي الحداثيون خجولين، ولم يضعوا بصماتهم بشكل واسع.» (٢)



(١) تاريخ التشكيل اللبناني كتبته أجيال الذاكرة المعلقة - جريدة الحياة

(٢) صحيفة الخليج الإلكترونية



Comments